خضرة وميه وشمس عافية وقبة سما زرقا مصفية ونسايم سلم وحرية ومعالم فكر ومدنية ومداين صاحية الفجرية على اشرف ندهة واذان دي بلدنا مصر العربية صورة منورها الأيمان ….
=======================

و عندما تسلمت أعمال رئــــيس أركـــان حرب القوات المسلحة المصرية لم يتطوح أحد ليخبرني بشئ عن (القاهر) و (الظافر) .. و لكني تذكرتهما فجأة و أخذت أتقصى أخبارهما إلى أن عرفت القصة بأكملها .
“لن أقص كيف بدأت الحكاية .. و كيف أنفقت ملايين الجنيهات على هذا المشروع ، و كيف توقف ، و كيف أسهم الإعلام المصري في تزوير الحقائق و خداع شعب مصر . إني أترك ذلك كله للتاريخ .. و لكني سأتكلم فقط عن الحالة التي وجدت فيها هذا السلاح .. و كيف حاولت أن أستفيد – بقدر ما أستطيع – من المجهود و المال اللذين أنفقا فيه .
لقد وجدت أن المشروع قد شطب نهائيا و تم توزيع الأفراد الذين كانوا يعملون فيه على وظائف الدولة المختلفة ، أما القاهر و الظافر ، فكانت هناك عدة صواريخ منهما ترقد راكدة في المخازن . لقد كانت عيوبهما كثيرة و فوائدهما قليلة .. و لكني قررت أن أستفيد منهما بقدر ما تسمح به خصائصهما ، و قد حضرت بيانا عمليا لإطلاق (القاهر) يوم 3 من سبتمبر 1971 . لقد كان عبارة عن قذيفة تزن 2.5 طن و تحدث حفرة في الأرض المتوسطة الصلابة بقطر 27 مترا و عمق 12 مترا .. و تبلغ الأتربة المزاحة حوالي 2300 متر مكعب .. و كما يبدو فإن القوة التدميرية لهذا السلاح تعتبر رائعة ، و لكن كفاءة السلاح الميداني لا تقاس فقط بقوة التدمير ، فقد كانت هناك عيوب جوهرية في هذا السلاح تجعله أقرب ما يكون إلى المقلاع أو المنجنيق اللذين كانا يستخدمان خلال القرون الوسطى .
لقد كان كبير الحجم و الوزن .. إذا تحرك فإن مركبته تسير بسرعة 8 – 10 كم / ساعة و على أرض ممهدة أو صلبة . .. و إذا أطلق فإنه يطلق بالتوجيه العام ، حيث أنه ليست لديه أية وسيلة لتحديد الاتجاه سوى توجيه القاذف في اتجاه الهدف قبل تحميل المقذوف على القاذف ، و أقصى مدى يمكن أن يصل إليه هو (ثمانية كيلومترات) ! و لا يمكن التحكم في المسافة إلا في حدود ضيقة و عن طريق رفع الزواية أو خفضها .
و في أثناء التجربة أطلقنا مقذوفات بالاتجاه نفسه و الزاوية نفسها فكانت نسبة الخطأ تصل إلى 800 متر !! .
و على الرغم من ذلك كله فقد قررت أن أستهلك هذه الصواريخ خلال حرب أكتوبر و شكلت وحدة خاصة لهذا السلاح ، و أطلقنا عليها اسم (التين) .. و لم يكن في استطاعتنا طبعا أن نستخدمه طبعا ضد أي هدف يقع شرق القناة مباشرة لأن عدم دقة السلاح قد يترتب عليها سقوط القذيفة على مواقعنا التي تقع غرب القناة و لا يفصلها عن مواقع العدو سوى 200 متر فقط .
****************
هذه قصة بسيطة جاءت على لسان رجل عسكري محترف لا يكتب إلا ما رآه و عاينه بعيدا عن السياسة و دهاليزها .. و هي نموذج مجسم لكيفية خداع الأنظمة السلطوية المستبدة لشعوبها على الوجه الأبشع.
Filed under: موضوع عام
