Quantcast
Channel: BIMarabia
Viewing all articles
Browse latest Browse all 8760

أباطيل وأسمار

$
0
0

ان الفكر لا يرد الا بالفكر و هنا الاديب محمود شاكر يرد على من يهاجم الادب العربي

قالوا عنه[

الدكتور محمود الطناحي –رئيس قسم اللغة العربية وآدابها بجامعة حلوان: «إن محمود شاكر قد رزق عقل الشافعي، وعبقرية الخليل، ولسان ابن حزم، وشجاعة ابن تيمية، وبهذه الأمور الأربعة مجتمعة حصَّل من المعارف والعلوم العربية ما لم يحصله أحد من أبناء جيله، ثم خاض تلك المعارك الحامية: فحارب الدعوة إلى العامية، وحارب الدعوة إلى كتابة اللغة العربية بالحروف اللاتينية، وحارب الدعوة إلى هلهلة اللغة العربية، والعبث بها بحجة التطور اللغوي، ثم حارب من قبل ومن بعد: الخرافات والبدع والشعوذة التي ابتعدت بالمسلمين عن منهج السلف، في صحة العقيدة، وفي تجريد الإيمان من شوائب الشرك الظاهر والباطن» من مقال بمجلة الأدب الإسلامي عدد 16.

الدكتور عبد العظيم الديب كان من أكثر أساتذتي تأثيرًا شيخي الجليل الأستاذ محمود محمد شاكر.. فقد رأيت هذا العملاق العلامة يطيل التدقيق في كل ما يكتب، رأيت هذا من شيخي الجليل، فوعيت وتعلمت واقتديت بل وجدتني أولى بالتردد، والخشية ألف مرة.

يقول الدكتور: حيدر الغدير: «كان محمود شاكر أمة وحده، فهو شيخ العربية، وعاشق العروبة، وحارث التراث، وفارس الأصالة، جمع إلى غيرة المسلم عزة العربي، وإلى شجاعة المحارب طبيعة المسامح، وإلى عقل العالم طبيعة الطفل البريء» من مقال بمجلة الأدب الإسلامي –عدد16

يقول الدكتور: عبد القدوس أبو صالح في نفس العدد من المجلة: «لم تكن ذاكرة الشيخ الفريدة، واطلاعه الواسع الشامل، هما اللذان أوصلا الشيخ محمود محمد شاكر إلى أن يكون شيخ العربية دون منازع؛ وإن أعانا على بلوغه تلك المنزلة العالية، ولكن الذي بوأه مكانته طول معايشته للتراث، وطول تأمله فيه، حتى خالط لحمه ودمه، وحتى ألقى إليه مقاليده وأسراره، فكان كما شهدتُ وشهد الكثيرون أفرس الناس ببيت الشعر، وكان صاحب أسلوب كالبنيان المرصوص، وكان أن ندب نفسه ليكون سادنا للغة القرآن، وحامياً لتراث الأمة، ونذيراً لها من هجمة التغريب الشرسة».

ولتكن شهادة الكاتب القبطي وديع فلسطين –عضو مجمع اللغة العربية بدمشق وعمّان- خاتمة الأقوال: «أرشح محمود محمد شاكر للجائزة التقديرية، لأن هذا العالم الفذ قد وقف كل عمره على الحفاظ على تراث الضاد، وكأنه ديدبان شاكي السلاح يذب عن حياض الضاد كل متجهم (لعلها: متهجم)، أو متحرش، أو متطاول، وأتصور بعين الخيال أن محمود شاكر يقيم في قلعة حصينة في داخل أسوارها كل مقدسات الضاد، وهو الحارس اليقظ الذي يحمل تبعة مزدوجة؛ هي الدفاع المتصل عن التراث الذي هو به منوط، والتنبيش الدائم في هذا التراث لاستخراج مفاخره وإعلانها في كتاب محقق، أو مقال مكتوب، أو محاضرة ملقاة، أو حديث مرتجل…» من رسالة أدبية بتاريخ 30/1/1976م إلى د/ حسن علي محمد.

أباطيل وأسمار

)

“ويزيد الأمر بشاعةً: أن الذين هم هدفٌ للتدمير والتمزيق والنسف، لا يكادون يتوهمون أن ميدان الثقافة والأدب والفكر هو أخطر ميادين هذه الحرب”

“العقل الذي لا يتصور أن الحياة البشرية قادرة على صنع الحضارات، بلا استناد إلى طريقة العيش الغربية واعتناق مبادئ الحضارة الغربية عقل قد أسقط من حسابه أن الحضارات، قامت وبادت, من قبل أن تكون الحضارة الغربية وأصولها جميعا على ظهر الأرض, وأن هذه الحضارات إذا بادت واستؤصلت، فالإنسان أيا كان بعد ذلك, قادر على أن يبني حضارة جديدة تناقض هذه الحضارة الغربية في طريقة العيش، وفي المبادئ التي يدعيها”

“حاجة القراء إلى المقالة أشد أحيانا من حاجتهم إلى الكتاب”

“وعسى أن أكون أخطأتُ الطريق حين أَلِفتُ ما أَلِفْتُ”

“وعلمنى كتابُ (سيبويه) يومئذ أن (اللغة) هى الوجه الآخر للرياضيات العليا، ومن يومِئذ صارت (الكلمة) عندى هى الحياة نفسها، هى نفسى، هى عقلى، هى فكرى، هى سر وجودى ووجود ما حولى”

“المستشرقون والمبشرون هم في الحقيقة جماعة لم يصلحوا لشيء من بلادهم، أو لم يطيقوا أن يكونوا شيئا مذكورًا، فيسرهم الله لما يسرهم له من الاستشراق والتبشير. ولو أن أحدهم كتب كتابًا في تاريخ أمته، بمثل العقل والمنطق اللذين يكتب بهما في تاريخ الإسلام، لكان مصير ما يطبع منه أن يظل مطروحًا عند ناشره، حتى يفتح الله عليه فيبيعه بالجملة لمن يستعمله لشيء يُتقَزَر منه غير القراءة”

“إذ كنتُ امرءًا ملولًا، وهو مما قضى الله عليّ أن أكونَهُ!”

“فكان من رحمة الله بنا وبالناس أن سخر لنا (أجاكس عوض) حتى يُحدث لنا وجود اسمه وتكراره طرَفا من الانبساط و(الفرفشة) يتخلل ما نعنى من جد الحياة، وما ينبغى أن نحمل من أثقالها!”

“إن كل حضارة بالغة تفقد دقة التذوق، تفقد معها أسباب بقائها، والتذوق ليس قوامًا للأدب والفنون وحدها، بل هو أيضًا قوام لكل علم وصناعة، على اختلاف بابات ذلك كله وتباين أنواعه وضروبه. وكل حضارة نامية تريد أن تفرض وجودها، وتبلغ تمام تكوينها،إذا لم تستقل بتذوق حسّاس حادّ نافذ،تختص به وتنفرد، لم يكن لإرادتها في فرض وجودها معنًى يعقل، بل تكاد تكون هذه الإرادة ضربًا من التوهم والأحلام لا خير فيه”

“و عسير جدا على خلق كثير, أن يدرك اليوم معنى هذا اللفظ “الدين” عندنا نحن المسلمين, ﻷن المسلمين منذ غلبوا على أمرهم بغلبة هذه الحضارة اﻷوربية على اﻷرض مسلمها و كافرها, تلجلجت ألسنتهم بالفرق و الذعر لهول المفاجأة, فصار لسان أحدهم كأنه مضغة لحم مطروحة في جوبة الحنك, ليس من عملها البيان!!!!”

“أرى اللجوء إلى الرمز ضربا من الجبن اللغوي!! فاللغة إذا اتسمت بسمة الجبن، كثر فيها الرمز وقل فيها الإقدام على التعبير الصحيح الواضح المفصح. ولا تقل إن الكناية شبيهة بالرمز، فهذا باطل من قبل الدراسة الصحيحة لطبيعة الرمز وطبيعة الكناية والمجاز. وأنا أستنكف من الرمز في العربية، لأن للعربية شجاعة صادقة في تعبيرها، وفي اشتقاقها وفي تكوين أحرفها، ليست للغة أخرى”

“وبيّن مما حاولت الإبانة عنه:أن علاج صورة الكاتب أمر موضوعي، لا شخصي، ولا ذاتي، وأنه ليس بتجريح للكاتب، إذا كانت الصفات التي يستحقها من نفس كلامه، من نفسه منطقه، من نفس تفكيره، من نفس ضميره، من نفس هدفه. وكل لفظ يتضمن صفة من صفاته، لا يمكن أن يعد تجريحا إذا كان مأتاه من تحليل الكلام والأهداف، مهما بلغت هذه الصفات من القسوة، أو الغرابة، أو الاستنكار. بل الأمر المستنكر كل الاستنكار على الناقد، والأمر القادح فيه وفي نقده، أن يخون الأمانة، حين يجد كاتبا مختل التفكير، بيّن الضغينة، بذئ النفس، قبيح الأغراض، سيئ الأدب، ويجده يستخدم ذلك كله في كتابته، ليبلغ إلى هدف سيئ معيب، فيدع ذلك مستورا، ويتناول كلامه مجردًا، وينقده نقدا موضوعيا. بل أقول أكبر من ذلك: إن الناقد إذا فعل ذلك كان أضر على الناس وعلى عقولهم، من الكاتب نفسه، لأنه يظهر هذا التالف الوقح بمظهر من خلا من كل قادح في تكوين ما يكتبه، وهو أشد خيانة للأمانة، وأبعد إيلاما في الغش واللؤم وخسة الطباع، وهو فوق ذلك مدلّس سخيف التدليس”

“ولكنى كنتُ امرءًا نهمًا يأخذه للكلام المكتوبِ سُعَارٌ، فتناولت الصحيفة وبدأت أقرأ سطرًا بعد سطر!”

“ولم أكد حتى انطلقت أجوب مجتمعًا يفورُ بالمتناقضات، ويتشقق بالصراع المر فى ميادين مختلفة: من الدين، إلى العلم، إلى الأدب، إلى الفن، إلى السياسة، إلى السنن الموروثة = فخُضت محنة زمانى، فى أول نشأتى، بنفسٍ غضّة مُجرّحة بالتجارب!”

“و أشرت في مواضع كثيرة أن هذا الصراع صراع بين حضارتين مختلفتين أشد اختلاف: حضارة طال عليها الزمان فغفت غفوة آمنة لا يفزعه شئ, و حضارة واتاها الزمان فهبت يقظة متلفتة جريئة, لا تأمن أحدا و لا تطمئن إليه,

فلما بدرت بوادر الصراع, قامت “الغافية” تتمطى, و تطرد الفتور عن أعضائها و مفاصلها, و تمسح النعاس اللذيذ عن وجهها,

أما اليقظة فهبت حذرة, تراقب, و تتحسس, و تطوف, و تتأهب للسطو على هذه الغافية, باغية لا يفارقها شعورها الجديد اللذيذ بالقوة و البطش و الضراوة, و بحب الغلبة و بسط السلطان.”

“وكرهتُ أن أسرد الصوم عن الكتابة ثلاثة عشر عامًا، ثم أجعل فطورى على بصلة خبيثةِ الرائحة!! وأصررتُ على موالاة الصيام!”

“فإنى إنما خلطتُ هزلاً بجِد، لأنى عرضت لآدمىٍّ هو هزل كله، ولكن المقادير وضعته بحيث يُحمل ما يقوله محمل الجد، فحدثنى كيف أستطيع أن أتقى ما لا مفر منه، من الهزل الناشب فى حلق الجد؟”

“نظرة عن كثب للحياة ،وإقبال الموت …

قال أبو فهر محمود شاكر في كتابه الماتع ..(أباطيلٌ وأسمار)

” وينقطع نشيدِي ، ويبقى صداهُ في أُذُنيَّ ، وأنا على رأس الدرب واقفٌ أتلفت متى أُطعن ، وحيدًا ، غريبًا ، منفردًا عن ركب الغرباء الأول . أربعون سنة ، طُويت أيامها ولياليها ، كأسرع ما تفتح كتابا ، ثم تقرأ منه أسطرًا ، ثم تغلقه على دَفتيه ، وتبقى أحرفه تلوح في بيداء مُقفرة لا يَعمُرُها غير أشباحٍ تجولُ من الذكريات !

ولكن … ولكن ما أشد عُنف الحياة بنا ! تُفني بعض المرء ، وتطالبه من فَورِه أن يزداد تعلقا بالبقاء، وإقبالًا على الاستكثار من اسبابه !! ما أقساها سائقًا لا يضع عصاه عن نَعَمِه ! هكذا عوَّدتنا ، فأين المهرب ؟ وإلى أين المفر ! فتغمَّد يا صديقي قسوة قلبي بعدك ” :

ولا تُلزِمَنِّي ذَبُوب الزمان ، . . . فإيَّايَ سَاءَ ، وإيَّاي ضارّا (المتنبي)

—————–

صـ 316 طبعة الخانجي”

“فمن معسكر الصراع بين الحضارة الغازية وبين الحضارة الإسلامية أو بقاياها يومئذ .. ظهرت كلمة “السلفيين” مقرونة بتبغيضها إلى العامة، وتصويرها في صورة منكرة تكرهها النفوس لأنها تشق عليها، ثم بدأت الكلمة تدخل في محيط الصراع الاجتماعي فمن أول ما أذكر من ذلك أن التخلف الكريه المسمى “سلامة موسى” صنيعة المبشر “ويلككس” كان أكثر الناس استعمالا للفظ “السلفيين” للدلالة على التأخر والتشدد والتخلف، في مقابل الدعوة التي أرسلها يغوي بها من اصطنعوه .. أي بعد دخول ثورة سنة 1919 في انهيارها وانفصالها عن حقيقة الشعب الذي أشعل نارها.

ولكن هذه اللفظة – “السلفية” – كانت شديدة على الألسنة، لا تلين بها كل اللين، فبعد قليل – ولا أدري كيف كان ذلك، لأن الأمر يعتمد على التتبع التاريخي للعبارات يوما يوما، وشهرا شهرا، كما أرى – بعد قليل رأينا لفظ “الرجعيين” يحل محل السلفيين فجأة، وهو لفظ سهل على لسان العامة وغير العامة، وإذا بنا نراه مستعملا على ألسنة ضرب من الكتاب أمثال التالف الغبي “سلامة موسى” من صبيان التبشير، وسفهائه الذين يسافهون عنه وعلى ألسنة أصحاب الصحف من نصارى لبنان المقيمين في مصر، والمسئولين على صحافتها يومئذ، ثم لم نلبث إلا قليلا حتى رأينا هذا اللفظ ينتقل للدلالة على الحياة الإسلامية كلها، واشتق له مصدر هو “الرجعية” يستعمله الكتاب إذا أرادوا التورية عن “الإسلام” تهربا من أن تنالهم تهمة الطعن في دين الدولة

واستشرى الأمر زمانا طويلا، فصار كل من أنكر شيئا على هذه الحضارة الأوروبية المسيحية الوثنية، المقترنة بالغزو العسكري والغزو السياسي لبلادنا من أخلاق أو فكر، أو عادة، أو طريقة للحياة “كما يقول توبنبي” صار ينبذ بأنه “رجعي” وظل هذا هو معنى “رجعي” إلى نحو من سنة 1943، حين بدأت الحركة الشيوعية في الظهور، فاستخدمت اللفظ على الأنظمة التي كانت تقاومها، لما فيها من الفساد والتعفن، وإن كان اللفظ عندهم أيضا دالا على مثل ما كان يدل عليه أعوان الاستعمار والتبشير بالحضارة المسيحية الوثنية الغربية”


Filed under: books_

Viewing all articles
Browse latest Browse all 8760

Trending Articles