Quantcast
Channel: BIMarabia
Viewing all articles
Browse latest Browse all 8760

رواية باب الخروج –عز الدين شكري

$
0
0

عزيزي يحيى

اليوم هو العشرين من أكتوبر 2020، وحين تصلك رسالتي هذه، بعد يومين بالضبط من الآن، سأكون سجيناً أو جثة. إما سيقولون لك أن أباك مات بطلاً، أو ستقراً في الجرائد نبأ خيانتي الكبرى والقبض علي. أنا، الذي شاهدت بأم عيني صنوف الخيانة كلها، سيرمونني بدائهم وينسلوا، كما فعلوا من قبل، عشرات المرات. لم أحاول منعهم من قبل، لكني لن أدعهم يفلتون بفعلتهم هذه المرة. لا، ليس هذه المرة. هذه غضبتي، غضبة عمر بأكمله. غضبة ربما تكون الأخيرة، لكني لن أضيعها سدى. أخذت احتياطاتي، وعزمت ألا ألعب دور الضحية. وهذه الرسالة، قد تكون طوق نجاتي الأخير إن فشلت كل الاحتياطات الأخرى. فاحرص عليها، فقد تكون هي الفارق بين الخيانة والبطولة.

لا أحد يعلم بمحتوى شحنتنا هذه غير ستة أشخاص؛ رجل صيني واثنان من كوريا الشمالية، والرئيس القطان واللواء المنيسي وأنا. أو هكذا يفترض. لكن الحقيقة أن هذه السفينة الهادئة قليلة العمال والركاب ستجتاحها فرقة كاملة من البحرية الأمريكية في الرابعة صباح الغد: أي بعد أربع وعشرين ساعة بالضبط. الحقيقة أيضاً أني، أنا المترجم الصامت الذي لم يأخذ في عمره موقفاً حاداً، هو من أبلغهم.

أنا الخائن. 

باب الخروج: رسالة علي المفعمة ببهجة غير متوقعة

بهذا تبدأ رواية “باب الخروج ” الرواية التي كتبت عام 2012 بعد ثورة 25 يناير و اثناء فترة الحكم العسكري قبل فوز الرئيس مرسي

لابد من معرفة الفترة التي كتبت فيها هذه الرواية قبل ان تبدأ في قراتها

في الرواية يتحدث عن فترة حكم مبارك من خلال ان يدخل شخصية الرواية القصر كمترجم , تدخل مع المؤلف المطبخ السياسي

ثم سيناريوهات مخنلفة لمن يمسك الحكم , العلمانين الاسلاميين العسكريين

لكنى أفضّل أن أرى ما حدث كأنه حريق كبير، أسهم فى إشعاله كثيرون، بعضهم بإهماله و غبائه و بعضهم إنتقاما .. بعضهم طمعاً و بعضهم سهواً و غفلة .. و يظنّ كل منهم أن عمله هو الذى يفسِر نشوب الحريق ..

لكن الحقيقة، و الله أعلم، أنهم جميعا شاركوا فى إشعاله .. فلا تُتعِب نفسك يا بنى فى محاولة التوصل إلى معرفة حقيقة ما حدث بالضبط ، و هل كان الأمر إنتخابات مزوَرة أم انتخابات ملغاة أم انقلاباً أم إنقاذاً أم صفقة .. لا فرق بين هذه الروايات .. المهم أنهم أشعلوها ، و استولى العسكر على الحكم بدعوى إطفائها!

—–

أريد بعض الراحة، أريد أن أطفئ النور و أنام، لسنة أو سنتين، دون أن يزعجني أحد. زهدت في كل شئ: الحكومة و الدولة و الديمقراطية و الحرية و كل هذا. كل هذا هراء و عبث و موت. و لم أعد أريد منه شيئًا. كل ما أبغيه هو بعض الراحة.

 –

بدأ تنفيذ أحكام الإعدام فى أقطاب النظام السابق شعرت بالأسى لمصيرهم، لكنه أسى على ما لا يمكن تجنُّبه. بل إنى شعرت بظلم لعزالدين ولأنصار الثورة، كأن أقطاب النظام القديم لم يكفِهم تدمير الدولة والمجتمع، بل يسعون لتلويث أيدينا بدمائهم حين يذهبون، لأنهم يأبَون التنحِّى فى هدوء.

هم الذين قاتلوا الثورة، ولم ينقضَّ عليهم أنصار الثورة إلا بعد خمس سنوات كاملة من التردد ومحاولة البحث عن طرق أخرى. هم الذين كتبوا علينا هذا المصير، نحن السلميون، وهم الدمويون، حتى إن كانت رؤوسهم هى التى تتدلى على المشانق!

هكذا قلت لنفسى، وهكذا قلنا جميعا لأنفسنا. وبعدها ارتاح ضميرنا، ولم يعُد عدد الرؤوس يقلقنا كثيرا. وكلما زاد الضحايا زاد تمسُّكنا بإنجاز مشروعنا وبعدالة موقفنا، وأصبح التراجع مستحيلا أكثر . وهكذا، خطوة خطوة، دخلنا بأقدامنا فى نهر الدم ثم سبحنا فيه.

كتب المحللون كثيرا عن هذا الرجل وفترة حكمه، وعن الدم الذى سال والرعب الذى نشره نظامه، لكن كل ذلك يُغفِل جانبا هامًّا، هو التأييد السحرى الذى ناله فى كل ما فعل. صحيح أن (عزالدين) استند إلى تنظيم سياسي وأمني يكاد يكون حديديا، لكنى لا أظن أنه كان بوسعه فعل أى مما فعله دون التأييد العارم الذى أسبغه عليه الناس.

أعتقد أن سحره الطاغي أتى من هنا. وأعتقد أيضا أن إغفاله للفارق الكبير بين ما يريده الناس وما يمكنهم احتماله هو الذى قضى عليه، بعد أن قضى على ضحاياه!

——-

ذات يوم سألته عن الحكومة. فهز كتفيه وقال إنه لا أحد يهتمّ بتشكيل حكومة، فالناس تعبت من الحكومات لأنهم فى كل مرة يخدعونهم . كلما أتتهم حكومة تكذب عليهم وتحاول قمعهم دون أن تحقق لهم شيئا أكثر مما لديهم الآن : بعض الأمان، وبعض الاحتياجات الأساسية، وبعض الكهرباء.

قال إن أحوال الناس اليوم ليست أسوأ ولا أفضل مما كانت عليه فى ظل الحكومات وفى ظل الحكم العسكرى بكل هيلمانه، فلماذا يوجع الناس قلبهم بحكومة ورئيس! الناس تغيرت، أكد (عبدُه) ذلك فى لهجة تقريرية؛ خرجت من القمقم ولم يعُد أحد يقبل الظلم أو التكبر أو السيطرة مِن قِبَل غيره، سواء كان الدولة أو أى سلطة أخرى، حتى المشايخ لم يعودوا قادرين على إلجام الناس.

الناس لم يعد لهم كبير، وكلٌّ يفعل ما يريد.

——

رفض تسمية ما حدث إنقلاباً أو حتى ثورة، وقال إنها مجرد “عملية إنقاذ”، مؤكداً طابعها المؤقت.
وبدلاً من الصورة العسكرية المنضبطة القوية، قرّر القطان تَبنِّي الصورة المعاكسة بالضبط: صورة الجد الحنون الذي يسعى لإرضاء الجميع ولا يعرف كيف يواجه طلبات أبنائه المتعارضة

—-

قد أكون موسى، الغرّ، المتعجّل، لكن سيدنا الخضر مات، ولا أنبياء بيننا ليخبرونا عن عواقب أفعالنا البعيدة: إن رأيت رجلا يقتل غلاما فامنعه، وإن رأيت أحدا يخرق سفينة فقِفْهُ، وإن رأيت ظالما يبنى سورا فلا تساعده.

لا أحد غير الله يرى النعم المتنكرة فى صورة نقمات، فامنع النقمة، ودع البقية للخالق.


Filed under: books_ Tagged: 25 يناير, قصة, كتاب, كتب, متب, ثورة, رواية

Viewing all articles
Browse latest Browse all 8760

Trending Articles